کد مطلب:39895 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:590
فإن [5] شئت أتیت معاویة فسألته ما یرید[6] ، قال: ائته، فأتاه [7] فقال: لأیّ شی ءٍ رفعتم هذه المصاحف؟ قال: لنرجع [8] نحن وأنتم إلی ما أمر اللَّه تعالی فی كتابه تبعثون [9] رجلاً (منكم)ترضونه ونبعث رجلاً (منّا) نرضاه ونأخذ علیهما أن لا یعملا إلّا بما فی كتاب اللَّه تعالی لایعدوانه، ثمّ نتبع ما اتّفقا علیه [10] ، قال الأشعث: هذا هو الحقّ، فانصرف [11] إلی علیّ فأخبره بما قال معاویة. فقال الناس: قد رضینا ذلك وقبلناه، فقال أهل الشام اخترنا[12] عمراً، وقال الأشعث واُولئك الّذین صاروا خوارج فیما بعد: نرضی بأبی موسی الأشعری [13] ، فقال لهم علیّ علیه السلام، قد عصیتمونی فی أول الأمر ولا تعصونی الآن لا أری أن تولّوا أبا موسی الحكومة فإنّه یضعف عن عمرو ومكایده [14] ، فقال الأشعث، وزید بن حصین (الطائی)، ومسعر[15] بن فدكی: لا نرضی إلّا به فإنّه قد حذّرنا ممّا وقعنا فیه فلم نسمع منه [16] ، فقال علیّ علیه السلام: إنّ أبا موسی لا یكمل[17] فی هذا الأمر[18] ولكن هذا ابن عباس دعونی نولیه [19] فإنّه أدری منه بهذه الاُمور[20] فقالوا: واللَّه لا نبالی أنت كنت أم ابن عباس لا نرید إلّا رجلاً هو منك ومن معاویة سواء[21] فقال: فدعونی أجعل الأشتر[22] ، قالوا: وهل سعّر الأرض ناراً إلّا الأشتر؟! فقال: قد أبیتم أن ترضوا إلّا أبا موسی؟[23] . قالوا: نعم، قال: فاصنعوا ماأردتم [24] [25] . فبعثوا إلی أبی موسی وجاؤوا[26] به وكان معتزل القتال [27] عن [28] الفئتین، فأتاه مولی له فقال له: إنّ الناس قد اصطلحوا، فقال: الحمد للَّه [29] فقال إنهم قد جعلوك حَكماً بینهم، فقال إنّا للَّه وإنّا إلیه راجعون [30] . ولمّا حضر أبو موسی جاء الأحنف بن قیس إلی علیّ بن أبی طالب علیه السلام وكان الأحنف أیضاً معتزل القتال عن الفئتین فقال: یا أمیرالمؤمنین إنّك رُمیت بحجر الأرض عمرو بن العاص وإنّی قد عجمت عود هذا الرجل [31] وحلبت أشطره [32] فوجدته كلیل الشّفرة قریبَ القعر وإنّه لا یصلح لهؤلاء القوم إلّا رجل یدنو منهم حتّی یصیر[33] فی أكفُهم ویبعد[34] حتّی یصیر[35] بمنزلة النجم منهم، فإن أبیت [36] أن تجعلنی حَكماً وإلّا فاجعلنی ثانیاً أو ثالثاً فإنّه لن یعقد عمرو عقدةً إلّا حللتها، ولن یحلّ [37] عقدةً إلّا ربطتها[38] فقال له علیه السلام: ان الناس قد أبوا ولن یرضوا بأحد إلّا أبا موسی [39] . وحضر عمرو بن العاص عند علیّ علیه السلام لیكتب القصّة بحضوره فكتب الكاتب [40] : بسم اللَّه الرحمن الرحیم، هذا ما تقاضی علیه أمیرالمؤمنین علیّ بن أبی طالب علیه السلام ومعاویة بن أبی سفیان [41] ومن معهما، فقال عمرو بن العاص: هو أمیركم وأمّا أمیرنا فلا، امح اسم الإمرة، فقال الأحنف بن قیس لأمیر المؤمنین: لا تمحها ولو[42] قتل الناس بعضهم بعضاً فإنی أتخوّف إن محوتها لا ترجع إلیك أبداً[43] ، فأبی ذلك علیٌّ ملیاً من النهار ثمّ إنّ الأشعث بن قیس كلّمه فی ذلك فمحاه، وقال علیّ علیه السلام: اللَّه أكبر سنة بسنة[44] ، واللَّه إنّی لكاتب رسول اللَّه یوم الحدیبیة فكتب: محمّد رسول اللَّه، فقال المشركون: لست برسول اللَّه ولكن اكتب اسمك واسم أبیك، فأمرنی رسول اللَّه صلی الله علیه وآله بمحیه، فقلت: لا أستطیع، قال: فأرنیه فأریته إیّاه فمحاه بیده وقال: إنّك ستدعی إلی مثلها فتجیب، قال عمرو: سبحان اللَّه أنشبه الكفّار ونحن مؤمنون [45] ؟! فقال: اكتبوا: هذا ما تقاضی [46] علیه علیّ بن أبی طالب ومعاویة بن أبی سفیان. قاضی علیّ علی أهل الكوفة ومَن كان معه من شیعته من المؤمنین والمسلمین [47] ، وقاضی معاویة علی أهل الشام ومن معهم [48] إنّا ننزل عند حُكم اللَّه وكتابه، وأن لا یكون بیننا غیره، وأنّ كتاب اللَّه تعالی بیننا من فاتحته إلی خاتمته نحیا ما أحیا ونمیت ما أمات [49] فما وجد الحَكمان (ذلك) فی كتاب اللَّه تعالی اتّبعناه وهما أبو موسی الأشعری وعمرو بن العاص عملا به وما لم یجدا فی كتاب اللَّه تعالی فالسنّة العادلة الجامعة غیر المفرقة، وأخذ الحَكمان من علیٍّ ومعاویة وجندیهما عهوداً ومواثیق أنهما آمنان علی أنفسهما (وأموالهما)وأهلیهما والاُمّة لهما أنصار علی الّذی یتقاضیان [50] علیه وعلی أبی موسی عبداللَّه بن قیس وعمرو عهد اللَّه ومیثاقه أن یحكما بین هذه الاُمّة بحكم القرآن ولا یردّاها فی حرب ولا فرقة حتّی یقضیا وأجل القضاء إلی انسلاخ رمضان [51] ، وإن أحبّا أن یؤخّرا ذلك أخّراه وأنّ مكان قضیّتهما مكاناً عدلاً بین أهل الكوفة وأهل الشام [52] . وكتب فی الصحیفة الأشعث بن قیس، وعدی بن حجر، وسعد بن قیس الهمدانی، وورقاء بن شمس، وعبداللَّه بن عكل العجلی، وحجر بن عدی الكندی، وعقبة بن زیاد الحضرمی، ویزید بن حجرة التمیمی، ومالك بن كعب الهمدانی، هؤلاء كلّهم من أصحاب علیٍّ علیه السلام [53] . وكتب من أصحاب معاویة: أبو الأعور السلمی، وحبیب بن مسلمة، وزمل [54] بن عمرو العذری [55] ، ومرّة بن مالك الهمدانی، وعبدالرحمن بن خالد المخزومی، وسبیع بن یزید الأنصاری، وعتبة بن أبی سفیان، ویزید بن الحارث العبسی [56] . وخرج بالكتاب الأشعث بن قیس یقرأه [57] علی الناس [58] وكانت كتابته یوم الأربعاء لثلاث عشرة لیلة خلت من صفر سنة سبع وثلاثین [59] ، واتّفقوا علی أن یكون اجتماع الحَكمین- وهما أبو موسی عبداللَّه بن قیس الأشعری وعمرو بن العاص بن وایل السهمی- بدومة الجندل [60] وهو موضع كثیر النخل وبه حصن اسمه مارد قال أبو سعید الضریر: دومة الجندل فی غایظ من الأرض خمسة فراسخ فیها عین تسقی النخل والزرع، انتهی. ثمّ رجع الناس عن صفّین ولمّا رجع علیّ علیه السلام إلی الكوفة خالفت الحروریة[61] . وخرجت وانكرت التحكیم وقالت: لا حكم إلّا للَّه،[62] ولا طاعة لمن عصی [63] وكان ذلك أوّل ما ظهر من مرامهم [64] ورجعوا إلی غیر الطریق الّذی كانوا فیه. ولمّا جاء[65] أمیرالمؤمنین علیّ بن أبی طالب علیه السلام النُّخَیْلة[66] ورأی بیوت الكوفة فإذا بعبد اللَّه بن ودیعة الأنصاری [67] قد لقاه فدنا منه[68] وسلّم علیه وقال: مرحباً یا أمیر المؤمنین، ثمّ إنّه سایره فقال له علیّ علیه السلام: ما سمعت الناس یقولون (فی أمرنا هذا؟)[69] قال: یقولون: إنّ علیّاً كان له جمع عظیم ففرَّقه،وكان له حصن حصین فهدمه فمتی یبنی ما انهدم [70] ویجمع ما تفرّق [71] ؟ ولو كان مضی بمن أطاعة إذ عصاه من عصاه فقاتل حتّی یظفر[72] أو یهلك كان ذلك [73] الحزم [74] فقال علیّ علیه السلام: أنا هدمت أم هم هدموا؟ أنا فرّقت أم هم فرّقوا؟ وأمّا قولهم «كان یمضی بمن أطاعه فیقاتل حتّی یظفر أو یَهلك» فواللَّه ما غبِیَ [75] هذا عنّی وإن كنت لسخیّاً[76] بنفسی عن الدنیا طیّب النفس بالموت ولقد هَممتُ بالإقدام علی القوم فنظرت إلی هذین قد ابتدرانی- یعنی الحسن والحسین علیهما السلام- ونظرت إلی هذین الآخرین وقد استقدمانی- یعنی عبداللَّه بن جعفر ومحمّد ابن الحنفیة (رض) فعلمت أنّ هذین إن هلكا انقطع نسل محمّد صلی الله علیه وآله [77] . من هذه الاُمّة فكرهتُ ذلك، وأشفقت أیضاً علی هذین أن یهلكا علی أثرهما؛ وأیم اللَّه إن لقیتهم [78] بعد یومی هذا لألقینّهم وهم معی فی معسكر[79] . ثمّ حرّك دابته ومضی وإذا علی جنبه قبور ستة أو سبعة[80] فقال علیّ علیه السلام: لمن هذه القبور؟ فقالوا[81] : یا أمیرالمؤمنین الخبّاب بن الأرت بعد مخرجك أوصی إن مات أن یدفن ظاهر البلد[82] وكان الناس قبل ذلك یدفنون موتاهم فی دورهم وأفنیتهم، وكان أوّل من دُفن بظاهر الكوفة هو ودُفن الناس إلی جنبه [83] ، فقال علیّ علیه السلام: رحم اللَّه خبّاباً، فلقد أسلم راغباً، وهاجَر طائعاً، وعاش مجاهداً، وابتُلیَ فی جسمه [84] . أحوالاً[85] ، ولن یُضیع اللَّه أجرَ من أحسنَ عملاً[86] ووقف علیهما وقال: السلام علیكم یا أهل الدیار الموحِشة، والمَحالِّ المقفرة من المؤمنین والمؤمنات والمسلمین والمسلمات، أنتم لنا سَلفٌ [87] ونحن لكم تَبع وبكم عَمّا قلیل لاحِقون، اللّهمّ اغْفِر لنا ولهم وتجاوز بعفوك عنّا وعنهم، طوبی لمن ذكر المَعَاد، وعَمِل للحساب، وقَنَع بالكَفاف، ورضی عن اللَّه عزّ وجلّ [88] . ثمّ أقبل حتّی حاذی سكّة الثوریّین [89] فسمع البكاء فقال: ما هذه الأصوات؟ فقیل: البكاء علی قتلی صفین [90] ، فقال علیه السلام: أمّا إنّی أشهدُ لمن قُتِل منهم صابراً محتسباً بالشهادة. ثمّ مرّ بالفائشیّین [91] فسمع مثل ذلك، ثمّ مر بالشبامیّین [92] فسمع مثل ذلك وسمع معه رجّة[93] شدیدة[94] فوقف فخرج إلیه حرب بن شرحبیل الشبامی[95] فقال له أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب علیه السلام: ما هذا! تغلبكم نساؤكم؟ ألا تنهونهنّ عن هذه الفعال [96] ؟ فقال: یا أمیر المؤمنین، لو كانت داراً أو دارین أو ثلاثاً أو أربعاً قَدَرْنا علی ذلك ولكن قُتل من هذا الحیِّ وحده مائة وثمانون قتیل[97] فلیس داراً إلّا وفیها البكاء، وأمّا نحن معشر[98] الرجال فإنّا لا نبكی ولكن نفرح لهم بالشهادة[99] ، فقال علیّ علیه السلام: رحم اللَّه قتلاكم، وغفر لموتاكم [100] . وأقبل حرب یمشی وعلیّ علیه السلام راكب فقال له: ارجع، وأمسك دابّته عن السیر، فقال: بل أمشی بین یدیك یا أمیر المؤمنین، فقال: بل ارجع فإنّ مَشْیَ مثلك مع مثلی فتنةٌ للموالی ومَذلّةللمؤمنین [101] ثمّ مضی فلم یزل یذكر اللَّه تعالی حتّی دخل الكوفة[102] . قال ابن خیثمة: وفی أوائل سنة سبع وثلاثین سار معاویة من الشام وكان قد دعا لنفسه وعلیّ بن أبی طالب علیه السلام من العراق فالتقیا بصفین الفرات [103] فقُتل من أصحاب علیّ علیه السلام خمسة وعشرون ألفاً[104] منهم عمّار بن یاسر[105] (رض) وخمسة وعشرون بدریاً[106] ، وكان عدّة عسكره تسعون [107] ألفاً. وقُتل من أصحاب معاویة خمس وأربعون ألفاً[108] وكان عدّتهم مائة ألف وعشرون ألفاً[109] . وذكر أنهما أقاما بصفین مائة یوم وعشرة أیام [110] وكان بینهم سبعون وقعة، ثمّ تداعیا إلی الحكومة فرضی علیّ وأهل الكوفة بأبی موسی الأشعری، ورضی معاویة وأهل الشام بعمرو بن العاص، وعلی أنّ الحَكمین یجتمعان بدومة الجندل بأن ینظرا للمسلمین ویتفقان علی حالة واحدة ورأی واحد ویختارا أمراً یكون فیه مصلحة للمسلمین وائتلاف الفریقین ومهادنة بین الفئتین، انتهی . ولمّا دخل أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب علیه السلام الكوفة لم یدخل الخوارج معه وأتوا حروراً[111] فنزلوا بها وهم اثنا عشر ألفاً[112] ، ونادی منادیهم: إنّ أمیر القتال شبث بن ربعی التمیمی [113] ، وأمیر الصلاة عبداللَّه بن الكوّاء الیشكری [114] ، والأمر شوری بعد الفتح والبیعة للَّه عزّ وجلّ والأمر بالمعروف والنهی عن المنكر[115] ، وزعموا أنّ علیاً علیه السلام كان إماماً إلی أن حَكم الحَكمین فشكّ فی دینه وحار فی أمره وأنه الحیران الّذی ذكره اللَّه فی القرآن بقوله تعالی : (لَهُ أَصْحَابٌ یَدْعُونَهُ إِلَی الْهُدَی )[116] وكذبوا فیما زعموا- قاتلهم اللَّه- وإنّما ضرب اللَّه تعالی بالآیة المذكورة مثلاً لغیره كما هو معروف فی كتب التفاسیر ولیس علیّ علیه السلام بحیران بل به یهتدی الحیاری. ولمّا سمع علیّ بن أبی طالب علیه السلام هو وأصحابه ذلك بعث إلیهم عبداللَّه بن عبّاس وقال له: لا تعجل فی [117] جوابهم وخصومتهم حتّی آتیك فإنّی فی أثرك [118] ، فلمّا أتاهم عبداللَّه بن عباس رحّبوا به وأكرموه [119] وقالوا: ما الّذی جاء[120] بك یا ابن عبّاس؟ قال: جئتكم من عند خلیفة رسول اللَّه صلی الله علیه وآله [121] وابن عمّه[122] وأعلمنا بربّه وسنّة نبیّه محمّد صلی الله علیه وآله [123] ، فقالوا: یا ابن عباس إنّا أذنبنا ذنباً عظیماً حین حكّمنا الرجال فی دین اللَّه تعالی، فإن تاب كما تبنا ونهض لمجاهدة عدوّنا رجعنا إلیه [124] . فلم یصبر ابن عباس علی [125] مجاوبتهم وقال: اُنشدكم اللَّه إلّا (ما)صدقتم، أما قال اللَّه تعالی: (فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَآ إِن یُرِیدَآ إِصْلَاحًا یُوَفِّقِ اللَّهُ بَیْنَهُمَآ)[126] فی حقّ المرأة وزوجها؟ قالوا: اللّهمّ نعم، قال: فكیف باُمة محمّد صلی الله علیه وآله [127] ؟ فقالت الخوارج: أمّا ما جعل اللَّه تعالی حكمه إلی الناس وأمرهم بالنظر فیه والاصلاح له فهو إلیهم، وأمّا ما حكم به وأمضاه فلیس للعباد أن ینظروا فیه، حكم فی الزانی [128] مائة جلدة، وفی السارق بقطع یده [129] ، فلیس للعباد أن ینظروا فی هذا[130] . فقال ابن عباس (رض): (و) قال اللَّه تعالی: (یَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ (وآخران من غیركم) هَدْیَا بَالِغَ الْكَعْبَةِ)[131] فی أرنب یساوی ربع درهم یصاد فی الحرم [132] ، فقالوا: (أ) تجعل الحكم فی الصید وشقاق الرجل وزوجته كالحكم فی دماء المسلمین؟[133] . ثمّ قالوا له: أعدل [134] عندك عمرو بن العاص وهو بالأمس یقاتلنا (ویسفك دماءنا)؟ فإن كان عدلاً فلسنا بعدول (ونحن أهل حربه) وقد حكمتم بأمر اللَّه تعالی: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَی النِّسَآءِ)[135] وقد أمضی اللَّه تعالی حكمه فی معاویة وأصحابه أن یُقتلوا أو یرجعوا، وقد كتبتم بینكم وبینهم كتاباً وقد جعلتم بینكم الموادعة، وقد قطع اللَّه الموادعة بین المسلمین وأهل الحرب منذ نزلت براءة إلّا من أقرّ بالجزیة[136] . ثمّ خرج علیّ علیه السلام فی أثر عبداللَّه بن عباس فانتهی إلیهم وهم یخاصمونه وهو یخاصمهم، فقال له علیّ علیه السلام:ألم أنهك عن كلامهم [137] ؟ ثمّ قال لهم علیّ علیه السلام: مَن زعیمكم؟ قالوا: عبداللَّه بن الكوّاء، فقال لهم: علیَّ به، فلمّا حضر قال له علیّ علیه السلام: ما أخرجكم علینا هذا المخرج؟ قالوا: حكومتكم [138] یوم صفین، فقال له علیّ: اُنشدكم [139] اللَّه تعالی ألم أقل لكم حین [140] رفعوا المصاحف: أنا أعلم بالقوم منكم، إنّهم استحر بهم القتل، وإنّما رفعوها خدیعةً ومكیدةً لكم لیفتنوكم ویثبّطوكم عنهم ویقطعون الحرب ویتربّصون بكمُ الدوائر (وذكر لهم جمیع ما كان فی ذلك الیوم) فلم تسمعوا منّی، واشترطت علی الحَكمین أن یحییا ما أحیا القرآن ویمیتا ما أمات القرآن [141] ، فان حَكما بحكم القرآن فلیس لنا أن نخالفه، وإن أبیا فنحن من حُكمهما براء[142] . فقالوا: «أخبرنا عن عمرو أتراه عدلاً حتّی تحكّمه فی الدماء[143] ؟ قال: إنّما حكّمت القرآن، وهذا القرآن إنّما هو خطّ مسطور بین دفّتین لا ینطق إنّما[144] یتكلّم به الرجال [145] فقالوا فأخبرنا[146] عن الأجل لِمَ جعلته فیما بینك وبینهم؟[147] قال: لیعلم الجاهل ویتثبّت [148] العالم ولعلّ اللَّه عزّ وجلّ أن یصلح الاُمّة فی هذه الهدنة[149] هذه المدة ویلهمها رشدها[150] . قالوا: فأخبرنا عن یوم كتبت الصحیفة إذ كتب الكاتب: هذا ما تقاضی علیه أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب ومعاویة بن أبی سفیان، فأبی عمرو أن یقبل منك أنك أمیر المؤمنین، فمحوت اسمك من إمرة المؤمنین فقلت [151] للكاتب: اكتب هذا ما تقاضی علیه علیّ بن أبی طالب ومعاویة بن أبی سفیان. فإن لم تكن أنت أمیر المؤمنین ونحن المؤمنون فلست بأمیر[152] ، فقال علیّ علیه السلام: یا هؤلاء أنا كنت كاتب رسول اللَّه صلی الله علیه وآله یوم الحدیبیة، فقال النبی صلی الله علیه وآله: اكتب: هذا ما اصطلح[153] علیه محمّد رسول اللَّه وسهیل بن عمرو، فقال سهیل: لو علمنا أنك رسول اللَّه ما صددناك ولا قاتلناك، فأمرنی رسول اللَّه فمحوت اسمه من الكتاب وكتبت: هذا ما اصطلح علیه محمّد بن عبداللَّه. وإنمّا محوت اسمی من إمرة المؤمنین كما محا رسول اللَّه اسمه من الرسالة،فكان لی به اُسوة فهل عندكم شی ء غیر هذا تحتجّون علیَّ به؟ فسكتوا[154] . فقال لهم: قوموا فادخلوا مصركم یرحمكم اللَّه [155] ، قالوا: ندخل ولكن نرید أن نمكث مدّة الأجل الّذی بینك وبین الحكمین هاهنا لیجبی المال ویسمن الكراع[156] ثمّ ندخل [157] فانصرف عنهم علیّ علیه السلام وهم كاذبون فیما زعموه قاتلهم اللَّه. ولمّا جاء وقت الحَكمین أرسل علیّ علیه السلام مع أبی موسی الأشعری أربعمائة[158] راكب وعلیهم شریح بن هانی الحارثی [159] ومعهم عبداللَّه بن عباس (رض) یصلّی بهم. وأرسل معاویة مع عمرو بن العاص أربعمائة[160] رجل من أهل الشام وتوافوا بدومة الجندل، وحضر معهم: عبداللَّه بن عمر[161] ، وعبدالرحمن بن أبی بكر[162] ، وعبداللَّه بن الزبیر[163] ، وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام [164] ، وعبدالرحمن بن یغوث الزهری [165] ، وأبو جهم بن حذیفة الندوی [166] ، والمغیرة بن شعبة[167] [168] . وكان سعد بن أبی وقّاص [169] علی ماء لبنی سُلیم بالبادیة فأتاه ابنه عمر وقال [170] له: إنّ أبا موسی الأشعری وعمرو بن العاص فقد حضرا للحكومة وقد شهدهم نفر من قریش فاحضر معهم فإنكّ صاحب رسول اللَّه صلی الله علیه وآله وأحد الستة الّتی كانت الشوری فیهم ولم تدخل فی أمرٍ تكرهه هذه الاُمّة وأنت أحقّ الناس بالخلافة، فلم یفعل [171] وقیل: بل حضرهم (سعد) ثمّ ندم علی حضوره فأحرم، بعمرة من بیت المقدس وتوجّه إلی مكة المشرّفة محرماً[172] . وكان عمرو بن العاص بعد تحكیم علیّ علیه السلام ومعاویة له ولأبی موسی الأشعری یقدّم أبا موسی فی كلّ شی ء، ویظهر له الاحترام والإعظام [173] ویقول له: لا أتقدّمك فی أمر من الاُمور ولا فی شی ءٍ من الأشیاء ولا فی كلامٍ ولا فی غیره لأنّك [174] أسنّ منّی [175] وأنّك [176] صاحب رسول اللَّه صلی الله علیه وآله [177] وقد دعا لك وقال: اللّهمّ اغفر لعبداللَّه بن قیس ذنبه وأدخله یوم القیامة مدخلاً كریماً. حتّی استقرّ ذلك فی نفس أبی موسی (اطمأن علیه وظنّ أ نّه لا یغشّه) وسكن فی خاطره وظنّ أنّ تقدیمه له علی نفسه تعظیماً له وتكریماً[178] . وانّما هو دهاءً وخدیعةٌ منه له [179] . ولمّا اجتمعا للحكومة وتفاوضا فی الكلام وكان كلام عمرو بن العاص أن قال لأبی موسی: ألستَ [180] تعلم أنّ عثمان قُتل مظلوماً؟ قال: أشهد[181] ، قال: ألستَ[182] تعلم أنّ معاویة وآل معاویة أولیاؤه؟ قال: نعم [183] ، قال فما یمنعك من تولیة معاویة ولیّ عثمان [184] وبیته [185] فی قریش كما علمت، فإن تخوّفت أن یقول الناس ولّی معاویة ولیست له سابقةّ[186] فقد وجدته ولّی عثمان الخلیفة المقتول [187] ظلماً وهو الطالب بدمه مع ما له من حُسن السیاسة والتدبیر[188] وهو أخو اُمّ حبیبة[189] زوجة[190] النبیّ صلی الله علیه وآله وكاتب [191] وحی النبیّ صلی الله علیه وآله، وعرض له بسلطان [192] . فقال أبو موسی: یا عمرو اتق اللَّه (عزّ وجلّ) فأمّا ما ذكرت من شرف معاویة فالشرف لأهل الدین والفضل، مع انّی لو كنت معطیه أفضل قریش شرفاً أعطیته علیّ بن أبی طالب [193] وأمّا[194] قولك: إنّ معاویة ولّی دم عثمان فولّه هذا الأمر فلم أكن لاُولّیه [195] معاویة وأدع المهاجرین الأوّلین [196] وأمّا تعریضك لی بالسلطان فواللَّه لو خرج معاویة لی من [197] سلطانه (كلّه) ما ولّیته [198] . فقال له عمرو: فما تقول فی ابنی عبداللَّه وأنت تعلم فضله وصلاحه [199] ؟ فقال: قد غمست [200] ابنك فی هذه الفتنة ولا یكون ذلك [201] ، فقال عمرو: إنّ هذا الأمر لا یصلح [202] إلّا لرجل (له ضرس)یأكل ویطعم [203] فسمع ابن الزبیر كلمته فقال. یا أبا موسی تفطّن وتنبّه لكلام عمرو[204] ثمّ قال: یابن العاص إنّ العرب قد أسندت إلیك أمرها بعدما تقارعت [205] بالسیوف وأشرفوا علی الحتوف فلا تردّنهم فی فتنة واتق اللَّه [206] . ولمّا راود عمرو بن العاص أبا موسی علی معاویة وعلی ابنه عبداللَّه فأبی أبو موسی منه راود أبو موسی عمرو علی تولیة الخلافة لعبداللَّه بن عمر فأبی[207] عمرو منه ثمّ قال: هات رأیاً غیر هذا[208] ، فقال أبو موسی: رأیی [209] أن نخلع هذین الرجلین- یعنی علیاً ومعاویة- ونجعل[210] الأمر شوری فیختار المسلمون من أحبّوه [211] ، فقال عمرو: الرأی ما رأیت [212] . فأقبلا علی الناس بوجههما[213] وهم مجتمعون ینظرون ما یتّفقان علیه [214] ، فقال عمرو: تكلّم یا أبا موسی وأخبرهم أنّ رأینا اتفق [215] فقال أبو موسی: أ یّها الناس، إنّ رأینا اتفق علی أمرٍ نرجو أن یصلح اللَّه به أمر (هذه)الاُمّة ویلمّ شعثها ویجمع كلمتها[216] ، فقال عمرو: صدق أبو موسی وَبَرَّ فیما قال، فتقدّم یا أبا موسی وتكلّم [217] . فقام إلیه عبداللَّه بن العباس وقال له: ویحك [218] ! إن كنت وافقته علی أمرٍ فقدّمه یتكلّم به قبلك، فإنّی أخشی من خدیعته لك، وإنّی لا آمن أن یكون قد أعطاك الرضا فیما بینك (وبینه) فإذا قمت فی الناس خالفك [219] فقال (له) أبو موسی: (إنّا)قد اتفقنا[220] وتراضینا وما ثَمّ مخالفة أبداً[221] . وكان أبو موسی رجلاً سلیم القلب فتقدّم فحمد اللَّه تعالی وأثنی علیه ثمّ قال: أ یّها الناس، إنّا قد نظرنا فی أمر هذه الاُمّة فلم نَرَ أصلح لأمرها ولا ألمّ لشعثها[222] من أمرٍ قد جمع [223] رأیی ورأی عمرو علیه، وهو أن نخلع علیاً ومعاویة، وتستقبل هذه الاُمّة هذا الأمر بأنفسها فیولّوا[224] منهم [225] مَنْ أحبّوا واختاروا، وإنّی قد خلعت علیاً ومعاویة فاستقبلوا أمركم (و)ولّوا علیكم من رأیتموه أهلاً لذلك [226] ثمّ تنحّی. وأقبل [227] عمرو بن العاص فقام مقامه فحمد اللَّه وأثنی علیه ثمّ قال: أ یّها الناس، إنّ أبا موسی قد خلع صاحبه علیاً وقد قال ما سمعتم، وأنا أیضاً قد أخلع[228] صاحبه علیاً واُثبت [229] صاحبی معاویة علی الخلافة فإنه ولیّ عثمان بن عفان والطالب [230] بدمه وأحقّ الناس بمقامه ثمّ تنحّی [231] . فقال أبو موسی: مالك لا وفّقك اللَّه غدرت وفجرت؟! وانّما مثلك كمثل [232] الكلب إن تحمل علیه یلهث أو تتركه یلهث [233] ، فقال عمرو لأبی موسی: أنت انّما مثلك كمثل الحمار یحمل أسفاراً[234] وقال سعد لأبی موسی: ما أضعفك یا أبا موسی عن عمرو ومكائده [235] ؟! فقال أبو موسی: ما أصنع؟! وافقنی علی أمرٍ ثمّ غدر[236] فقال ابن عباس (رض): لا ذنب لك یا أبا موسی إنما الذنب لمن قدّمك وأقامك فی هذا المقام [237] وقال عبدالرحمن بن أبی بكر: «لو مات [238] هذا الأشعری قبل هذا الیوم كان خیراً (له)»[239] . وحمل شریح بن هانئ علی عمرو فقنعه [240] بالسوط، وحمل ابن عمرو علی شریح فضربه بالسوط[241] وحجز الناس بینهم [242] ، فكان شریح یقول بعد ذلك: ما ندمت علی شی ءٍ ندامتی أن لا أكون ضربت عمراً بالسیف عوضاً عن السوط[243] والتمس الناس أبا موسی فوجدوه قد ركب راحلته ولحق [244] إلی مكة[245] ، وكان أبو موسی یقول: حذّرنی ابن عباس غدر عمرو ولكنّی اطمأننت إلیه لما یظهر لی وظننت أنّ هذا الغادر لا یؤْثِر شیئاً علی مصالح المسلمین ونصیحة الاُمّة[246] . وانصرف عمرو بن العاص وأهل الشام إلی معاویة وسلّموا علیه بالخلافة[247] فقیل: إنّ معاویة قام فی الناس فقال: أمّا بعد، فمن كان متكلّماً فی هذا الأمر بعد ذلك فلیطلع لنا قرنه [248] قال ابن عمر فاطلقت حبوتی فأردت [249] أن أقول له: یتكلّم فیه رجال قاتلوك وأباك علی الإسلام ثمّ خشیت أن أقول [250] كلمة یتفرّق بها جماعة ویسفك فیها دم [251] فقلت: ما وعداللَّه فی الحساب أحبّ من ذلك [252] فلمّا انصرفت إلی منزلی جاءنی حبیب بن مسلمة فقال: ما منعك أن تتكلّم حین سمعت هذا الرجل یقول؟ قلت: أردت ذلك (ثمّ)خشیت أن أقول[253] كلمة یتفرّق بها جماعة ویسفك بها دماء، فقال حبیب: فقد وفقت وعصمت [254] . وخرج شریح بن هانی مع ابن عباس (رض) إلی علیّ علیه السلام وأخبراه الخبر[255] فقام فی الكوفة فخطبهم فقال: الحمد للَّه وإن أتی الدهر[256] بالخطب الفادح والحدث[257] الجلیل، وأشهد أن لا إله إلّا اللَّه (وحده لا شریك له)وأنّ محمّداً رسول اللَّه. أمّا بعد، فإنّ المعصیة تورث الحسرة وتُعقب الندامة[258] وقد كنتُ أمرتكم فی هذین الرجلین وفی هذه الحكومة أمری فأبیتم ونحلتكم [259] رأیی فما ألویتم، فكنتُ أنا وأنتم كما قال أخو هوازن: أَمَرْتُهُم أمری بمنعرِجِ اللِّوَی أمّا بعد، فإنّ هذین الرجلین اللذین اخترتموهما حَكمین قد نبذا حكم القرآن وراء ظهورهما، وأحییا ما أمات القرآن، واتّبع كلّ واحدٍ منهما هواه من غیر هدی من اللَّه، فحكما بغیر حجّةٍ بیّنة ولا سُنةٍ ماضیة[262] ، واختلفا فی حكمهما وكلاهما لم یُرشدا، استعدوا وتأهّبوا للمسیر إلی الشام وأصبحوا فی معسكركم (إن شاءاللَّه) یوم الاثنین [263] . ثمّ نزل وكتب إلی الخوارج بالنهروان: بسم اللَّه الرحمن الرحیم، من عبداللَّه (علیّ) أمیر المؤمنین إلی زید بن حصن [264] ، وعبداللَّه بن وهب [265] ، وعبداللَّه بن الكوّاء[266] ، ومن معهم من الناس. أما بعد، فإنّ هذین الرجلین الّذین ارتضینا حكمهما[267] قد خالفا كتاب اللَّه واتبعا هواهما بغیر هدیً من اللَّه فلم [268] یعملا بالسنّة ولم ینفِّذا للقرآن حُكماً، فإذا وصلكم كتابی هذا فأقبلوا إلینا فإنّا سائرون إلی عدوِّنا وعدوِّكم ونحن علی الأمر الأوّل الّذی كنّا علیه [269] . فكتبوا: أمّا بعد، فإنّك لم تغضب لربك وإنّما غضبت لنفسك، فان شهدت علی نفسك بالكفر واستقبلت التوبة نظرنا فیما بیننا وبینك وإلّا فقد نابذناك علی سواء، إنّ اللَّه لا یحبّ الخائنین [270] . فلمّا قرأ كتابهم أیس منهم فرأی [271] أن یدَعَهم ویمضی بالناس إلی أهل الشام (حتّی یلقاهم)فیناجزهم [272] . فقام فی أهل الكوفة فحمد اللَّه تعالی وأثنی علیه ثمّ قال: أمّا بعد، فإنّه من ترك الجهاد فی اللَّه تعالی وادّهن [273] فی أمره كان علی شفا هلكة إلّا أن یتداركه اللَّه برحمته [274] ، فاتقوا اللَّه تعالی وقاتلوا من حادّ اللَّه (وحادّ رسوله)وحاول أن یطفئ نور اللَّه، قاتلوا الخائنین (الخاطئین الضالّین القاسطین المجرمین)الّذین لو ولّوا عملوا فیكم أعمال كَسری وهِرَقْل، وتأهّبوا للمسیر إلی عدوّكم من أهل الشام، وقد بعثنا إلی إخوانكم من أهل البصرة لیقدموا علیكم، فإذا اجتمعتم شخصنا إن شاء اللَّه تعالی، ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه العلیّ العظیم [275] . وكتب إلی عبداللَّه بن عباس (رض): أمّا بعد، فإنّا (قد) خرجنا إلی معسكرنا بالنُخیلة وقد اجتمعنا علی المسیر[276] (إلی) عدوّنا من أهل المغرب [277] فاشخص بالناس[278] من أهل البصرة[279] فقرأه ابن عباس علی الناس وندبهم علی المسیر مع الأحنف بن قیس فشخصوا إلی علیّ علیه السلام فی ثلاثة آلاف ومائتین [280] . وكتب علیّ علیه السلام إلی رئیس كلّ قبیلة من القبائل یستنفره [281] بما فی عشیرته من لمقاتلة وأبنائهم الّذین أدركوا وعبدانهم وموالیهم [282] وجاءه سعد بن قیس الهمدانی وقال: یا أمیر المؤمنین سمعاً وطاعة أنا أوّل الناس إجابةً[283] وجاءه معقل بن قیس، وعدیّ بن حاتم، وزیاد بن خصفة[284] ، وحجر بن عدیّ،وأشراف الناس والقبائل فی أربعین ألفاً من المقاتلة الرجّالة وستة عشر ألفاً من أبناء الموالی والعبید[285] وكتب إلی سعد بن مسعود (الثقفی)بالمدائن یأمره بإرسال مَن معه من المقاتلة[286] . وبلغ علیاً علیه السلام أنّ الناس یقولون: لو سار بنا إلی قتال هؤلاء الحروریة فبدأنا بهم فإذا فرغنا[287] وجّهنا إلی قتال المحِلّین [288] فقال لهم علیّ علیه السلام: بلغنی أنكم قلتم كیت وكیت وأنّ غیر هؤلاء الخارجین أهمّ إلینا فدعوا ذكرهم وسیروا بنا إلی معاویة وأهل الشام [289] أن لا یكونوا جبّارین فی الأرض ولا یتّخذوا عباد اللَّه خولاً[290] فتنادی [291] الناس: یا أمیر المؤمنین، نحن حزبك وأنصارك [292] وأتباعك نعادی مَن عاداك ونوالی من والاك ونتابع من أناب إلی طاعتك، مَن كانوا وأین كانوا سر بنا حیث شئت [293] . فبینما أمیرالمؤمنین علیّ بن أبی طالب علیه السلام معهم فی الكلام إذ أتاه الخبر أنّ الخوارج خرجوا علی الناس وأنهم قتلوا عبداللَّه بن خبّاب [294] صاحب رسول اللَّه صلی الله علیه وآله وبقروا بطن امرأته [295] وهی حامل، وقتلوا ثلاث نسوة من طیّ [296] ، وقتلوا اُمّ سنان الصیداویة[297] ، فلمّا بلغ علیاً ذلك بعث إلیهم الحارث بن مرة[298] لیأتینهم وینظر صحّة الخبر فیما بلغه عنهم ویكتب به إلیه ولا یكتمه شیئاً من أمرهم، فلمّا دنا منهم وسألهم قتلوه [299] وأتی علیاً علیه السلام الخبر بذلك وهو فی معسكره، فقال الناس: یا أمیر المؤمنین علام ندع هؤلاء القوم وراءنا یخلفونا فی أموالنا وعیالنا؟ سربنا إلیهم فإذا فرغنا منهم سرنا إلی أعدائنا من أهل الشام [300] فقام إلیه الأشعث بن قیس فتكلّم بمثل كلامهم، وكان الناس یرون أنّ الأشعث یری رأی الخوارج لأنه كان یقول یوم صفین أنصَفنا قوم یدعون [301] إلی كتاب اللَّه تعالی، فلمّا قال هذه المقالة علم الناس أنه لم یكن یری رأیهم [302] . فأجمع علیّ علیه السلام المسیر إلیهم، فجاءه منجّم یقال له مسافر بن عدیّ [303] فقال: یا أمیر المؤمنین، إذا أردت المسیر إلی هؤلاء القوم فسر إلیهم فی الساعة الفلانیة فإنّك إن سرت فی غیرها لقیت أنت وأصحابك ضرّاً شدیداً ومشقّة عظیمة. فخالفه علیّ علیه السلام وسار فی غیر الساعة الّتی أمره المنجّم بالمسیر فیها[304] ، فلمّا قرب علیّ علیه السلام منهم ودنا بحیث إنّه یراهم ویرونه نزل وأرسل إلیهم أن ادفعوا إلینا قتلة إخواننا (منكم)نقتلهم بهم وأترككم وأكف عنكم حتّی ألقی أهل الشام فلعلّ اللَّه تعالی أن یقلب [305] بقلوبكم ویردكم إلی خیر ممّا أنتم علیه من اُموركم [306] فقالوا: كلّنا قتلناهم وكلّنا مستحلّون لدمائكم ودمائهم [307] . فخرج قیس بن سعد بن عبادة فقال لهم: عباد اللَّه، أخرجوا إلینا قتلة إخواننا منكم وادخلوا (معنا) فی هذا الأمر الّذی خرجتم منه [308] ، وعودوا إلی قتال عدوّنا وعدوّكم فإنّكم قد ركبتم عظیماً من الأمر تشهدون علینا بالشرك وتسفكون دماء المسلمین [309] ، فقال عبداللَّه بن شجرة السلمی [310] : إنّ الحق قد أضاء لنا فلسنا بتابعیكم [311] . ثمّ إنّ علیاً علیه السلام خرج إلیهم بنفسه فقال لهم: أیتها[312] العصابة الّتی أخرجها عداوة المراء واللجاجة[313] وصدّها[314] عن الحقّ اتّباع الهوی واللجاج، إنّ أنفسكم الأمّارة سوّلت لكم فراقی لهذه الحكومة الّتی أنتم بدأتموها وسألتموها وأنا لها كاره، وأنبأتكم أنّ القوم إنّما فعلوه مكیدة فأبیتم علیَّ إباء المخالفین وعندتم علیَّ عناد العاصین (وعدلتم عنّی عدول النكداء)حتّی صرفت رأیی إلی رأیكم، وإنّی معاشرهم واللَّه صغارُ الهامِ سفهاء الأحلام، فأجمع (رأی)رؤسائكم وكبرائكم أن اختاروا رجلین، فأخذنا علیهما أن یحكما بالقرآن ولا یتعدّیانه، فتاها وتركا الحقّ وهما یبصرانه فبیّنوا لنا بما تستحلّون قتالنا والخروج عن جماعتنا ثمّ تستعرضون الناس تضربون أعناقهم، إنّ هذا لهوَ الخسرانُ المبین [315] . فتنادوا[316] ان لا تخاطبوهم ولا تكلّموهم وتهیّأوا للقتال،الرواح الرواح إلی الجنة[317] . فرجع علیّ علیه السلام عنهم إلی أصحابه ثمّ عبّأهم للقتال، فجعل علی میمنته حجر بن عدیّ [318] (رض)، ومیسرته شبث بن ربعی [319] ، أو[320] معقل بن قیس الریاحی [321] ، وعلی الخیل أبا أیوب الأنصاری [322] ، وعلی الرجّالة أبا قتادة الأنصاری [323] ، وفی مقدمتهم قیس بن سعد بن عبادة[324] (رض)[325] . وعبّأت الخوارج قاتلهم اللَّه أصحابها، فجعلوا علی میمنتهم زید بن قیس (حصین)الطائی [326] ، وعلی المیسرة شریح بن أوفی العبسی [327] ، وعلی خیلهم حمزة بن سنان الأسدی [328] ، وعلی رجّالتهم حرقوص بن زهیر السعدی [329] [330] وأعطی علیّ علیه السلام لأبی أیوب الأنصاری رایة أمان [331] فناداهم أبو أیوب (رض): من جاء إلی هذه الرایة فهو آمن ممّن لم یكن قتل ولا تعرض لأحد من المسلمین بسوء، ومن انصرف منكم إلی الكوفة فهو آمن، ومن انصرف إلی المدائن فهو آمن لا حاجة لنا بعد أن نُصیب قتلة إخواننا فی سفك دمائكم [332] . فانصرف عروة بن نوفل الأشجعی [333] فی خمسمائة[334] فارس، وخرج طائفة اُخری منصرفین إلی الكوفة[335] وطائفة اُخری إلی المدائن [336] ، وتفرّق أكثرهم بعد أن كانوا اثنی عشر ألفاً، فلم یبق منهم غیر أربعة آلاف [337] فزحفوا إلی علیّ علیه السلام وأصحابه، فقال علیّ لأصحابه: كفّوا عنهم حتّی یبدأوكم [338] فتنادوا الرواح الرواح إلی الجنة[339] فحملوا علی الناس فانفرّقت خیل علیّ عنهم فرقتین حتّی ساروا فی وسطهم [340] عطفوا علیهم من المیمنة والمیسرة واستقبلت الرماة وجوههم بالنبل وعطفت علیهم الرجّالة بالسیوف والرماح فما كان بأسرع من أن قتلوهم عن آخرهم وكانوا أربعة آلاف [341] . فلم یفلت منهم إلّا تسعة[342] أنفس لا غیر، رجلان هربا إلی خراسان [343] وبها نسلهما إلی الآن، ورجلان صارا إلی بلاد عمان [344] وبها نسلهما إلی الآن، ورجلان إلی بلاد الیمن [345] وبها نسلهما وهم الّذین یقال لهم الأباضیة[346] أصحاب عبداللَّه بن أباض [347] ، ورجلان صارا إلی الجزیرة[348] ، ورجل صار إلی تل موذن [349] . وغنم [350] أصحاب [351] علیّ علیه السلام منهم غنائم كثیرة، وقُتل من شیعة علیّ رجلان [352] ولم یسلم من الخوارج (المارقین) المقتولین غیر هذه التسعة[353] المذكورین خذلهم اللَّه. وهذه كرامة من أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب علیه السلام فإنّه قال قبل ذلك: نقتلهم ولا یقتل منّا عشرة ولا یسلم منهم عشرة[354] .
واتفق الناس علی أن یجعلوا القرآن حَكماً بینهم [1] ورضوا[2] بذلك، فجاء الأشعث [3] إلی علیّ علیه السلام فقال: أری الناس قد رضوا وسرّهم بما دُعوا إلیه من حُكم القرآن بینهم [4] .
فلم یستبینوا[260] النصح [261] إلّا ضُحَی الغَد
فقال له الأشتر: أنت إنّما تقول هذا القول لأنّ أمیر المؤمنین علیه السلام عزلك عن الرئاسة ولم یرك أهلاً لها... فقال علیّ علیه السلام: ویحكم، إنّ معاویة لم یكن لیختار لهذا الأمر أحداً هو أوثق برأیه ونظره إلّا عمرو بن العاص، وإنّه لا یصلح للقرشی إلّا مثله، وهذا عبداللَّه بن عباس فارموه به، فإنّ عمراً لا یعقد عقده إلّا حلّها، ولا یبرم أمراً إلّا نقضه، ولا ینقض أمراً إلّا أبرمه.... فقال الأشعث ومن معه: لا واللَّه لا یحكم فینا مضریان أبداً حتّی تقوم الساعة، ولكن یكون رجل من مضر، ورجل من الیمن، فقال علیّ علیه السلام إنّی أخاف أن یخدع یمانیكم، فإن عمرو بن العاص لیس من اللَّه فی شی ء. فقال الأشعث: واللَّه لأن یحكما ببعض ما تكره وأحدهما من الیمن أحبّ إلینا من أن یكون ما نحبّ وهما مضریان، فقال علیّ علیه السلام: وقد ابیتم إلّا أبا موسی؟ قالوا: نعم. قال: فاصنعوا ما أردتم، اللّهمّ إنّی أبرأ إلیك من صنیعهم. قال: وأنشأ خریم بن فاتك فی ذلك شعراً... انظر الفتوح لابن أعثم: 2 / 194، الأخبار الطوال: 193، ومروج الذهب: 2 / 33، وقعة صفین: 271 و503، سمط النجوم العوالی: 2 / 459، تهذیب ابن عساكر: 5 / 132، الطبری: 6 / 25، و: 4 / 37 ط اُخری . وذكر فی تاریخ الطبری: 4 / 37، وقعة صفین: 500، الفتوح لابن أعثم: 2 / 195 وغیرها: وجاء الأشتر- یعنی قبل مجی ء الأحنف بن قیس- حتّی أتی علیّاً فقال له: یا أمیر المؤمنین ألِزَّنی بعمرو بن العاص فواللَّه الّذی لا إله غیره لئن ملأتُ عینی منه لأقتلنّه... وذكر ابن أعثم فی الفتوح: 2 / 196 أنه أقبل حریث الطائی وهو جریح مثقل حتّی وقف علی علیّ علیه السلام وهو لما به، فبادره علیّ ورحّب به، ثمّ قال له: كیف أنت یا أخا بنی سنبس؟ فقال: جریح دَنِفٌ كما ترانی، والّذی بقی من عمری أقلّ ممّا مضی منه... ثمّ أنشأ شعراً... قال: ثمّ لم یلبث أن مات رحمه الله، وبلغ علیّاً شعره فقال: رحم اللَّه أخا طیّ... وانظر ینابیع المودّة: 2 / 17، شرح النهج لابن أبی الحدید: 2 / 228. لكن ابن مزاحم فی وقعة صفین: 508 وفی كتاب عمر بن سعد: هذا ما تقاضی علیه علیّ أمیر المؤمنین، فقال معاویة: بئس الرجل أنا إن أقررت أنه أمیر المؤمنین ثمّ قاتلته، وقال عمرو: اكتب اسمه واسم أبیه إنّما هو أمیركم وأمّا أمیرنا فلا، فلمّا اُعید إلیه الكتاب أمر بمحوه، فقال الأحنف: لا تمح اسم إمرة المؤمنین عنك فإنی اتخوّف إن محوتها لا ترجع إلیك أبداً، وإن قتل الناس بعضهم بعضاً.... ثمّ إنّ الأشعث بن قیس جاء فقال: امح هذا الاسم، فقال علیّ: لا إله إلّا اللَّه واللَّه أكبر سنّة بسنّة، أما واللَّه لعلی یدی راد هذا الأمر یوم الحدیبیة حین كتبت الكتاب عن رسول اللَّه صلی الله علیه وآله: هذا ما تصالح علیه محمّد رسول اللَّه وسهیل بن عمرو، فقال سهیل: لا اُجیبك إلی كتاب تسمّی رسول اللَّه، ولو أعلم أنك رسول اللَّه لم اُقاتلك، إنّی إذاً ظلمتك إن منعتك أن تطوف ببیت اللَّه وأنت رسول اللَّه، ولكن اكتب محمّد بن عبداللَّه، اُجیبك، فقال محمّد صلی الله علیه وآله: یا علیّ، إنّی لرسول اللَّه وإنّی لمحمد بن عبداللَّه ولن یمحو عن الرسالة كتابی إلیهم من محمّد بن عبداللَّه، فاكتب محمّد بن عبداللَّه، فراجعنی المشركون فی عهد إلی مدة، فالیوم أكتبها إلی أبنائهم كما كتبها رسول اللَّه صلی الله علیه وآله إلی آبائهم سنّة ومثلاً. انظر شرح النهج لابن أبی الحدید أیضاً: 1 / 196 و 2 / 232، تاریخ الطبری: 6 / 29،4 / 37 ط اُخری، الإمامة والسیاسة: 1 / 151، الكامل فی التاریخ: 3 / 318، ینابیع المودّة: 2 / 18، والبحار: 8 / 593. وفی وقعة صفین: 506 یربو علی هذا العدد كثیراً فذكر بالإضافة إلی ذلك الحُصین والطفیل ابنا الحارث بن المطّلب، وأبو اُسَیْد مالك بن ربیعة الأنصاری وخبّاب بن الأرتّ، وسهل بن حنیف، وأبو الیَسَر بن عمرو الأنصاری، ورفاعة بن رافع بن مالك الأنصاری، وعوف بن الحارث بن المطّلب القرشی، وبریدة الأسلمی، وعُقبة بن عامر الجُهَنی، ورافع بن خدیج الأنصاری، وعمرو بن الحمق الخزاعی، والحسن والحسین ابنا علیّ علیه السلام، وعبداللَّه بن جعفر الهاشمی، والنعمان بن عَجلان الأنصاری، وربیعة بن شُرَحْبِیل، وأبو صفرة ابن یزید، والحارث بن كعب الهمدانی... انظر تراجم هؤلاء فی الإصابة: 5846 و 7622 و 7938، و: 7 / 218 و 629 وأكثر هؤلاء قد مرّت تراجمهم. بالإضافة إلی الاستیعاب بذیل الإصابة: 1 / 196، و: 2 / 471، اُسد الغابة: 2 / 114، المستدرك: 3 / 396، أنساب الأشراف: 2 / 319، الغدیر للأمینی: 11 / 53، كنز العمّال: 15 / 157. وانظر الكامل فی التاریخ: 3 / 321، مروج الذهب: 2 / 405، أعیان الشیعة: 1 / 516، كتاب الوزراء للجهشیاری: 24- 27 لكنه ذكر منهم: عبیداللَّه بن أوس الغسّانی، سرجون بن منصور الرومی، عبدالرحمن بن درّاج، سلیمان بن سعید، سلیمان المشجعی، عبیداللَّه بن نصر بن الحجّاج بن علاء السلمی، حبیب بن عبدالملك بن مروان، ابن أوثال النصرانی... وانظر الكامل للمبرّد: 544، الفتوح لابن أعثم: 2 / 202 هامش رقم 2، تاریخ الطبری: 6 / 29 ومابعدها، الأخبار الطوال: 194. أبوك تلاقی الدین والناس بعدما فشدّ إصارَ الدینَ أیام أذرح وكان الأصمعی یلعن كعب بن جعیل لقوله فی عمرو بن العاص: كأنّ أبا موسی عشیة أذرح فلمّا تلاقوا فی تراث محمّد یعنی بلقمان الحكیم عمرو بن العاص، وقال الأسود بن الهیثم: لما تداركت الوفود بأذرح أدّی أمانته ووفّی نذره یا عمرو إن تدع القضیة تعترف ترك القرآن فما تأوّل آیة . إذا الحروریة الحری ركبوا وقالوا یومها: لا حكم إلّا للَّه، فقال علیّ علیه السلام كلمة حقّ اُرید بها باطل... انظر تذكرة الخواصّ: 95، ومروج الذهب: 2 / 404، شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید: 2 / 307 تحقیق محمّد أبو الفضل دار إحیاء التراث العربی، وقعة صفین: 517. وسُموا أیضاً بالخوارج والمحكّمة، والسبب الّذی سُمّوا خوارج هو خروجهم علی أمیر المؤمنین علیه السلام، والسبب الّذی سُمّوا محكّمة هو إنكارهم الحَكمین: وقولهم لا حكم إلّا للَّه... وانظر أیضاً فِرق الشیعة للنوبختی: 6 دار الأضواء ط 2. وقیل: هم الغلاة فی إثبات الوعید والخوف علی المؤمنین، والتخلید فی النار مع وجود الإیمان، وهم قوم من النواصب الخوارج، ومن مفرداتهم أنّ من ارتكب كبیرة فهو مشرك، ومذهب عامة الخوارج أنه كافر ولیس بمشرك، فقال بعضهم: هو منافق فی الدرك الأسفل من النار. وقیل لهم الحروریة لأنهم خرجوا إلی حروراء لقتال علیّ بن أبی طالب علیه السلام وحروراء: قریة بظاهر الكوفة، نزل بها الخوارج الّذین خالفوا علیّ بن أبی طالب علیه السلام وكان بها أوّل تحكیمهم واجتماعهم حین خالفوا علیه.... انظر المعارف لابن قتیبة: 274، الخطط للمقریزی: 2 / 350، معجم الفِرق الإسلامیة لشریف الأمین: 94، مقالات الإسلامیین للأشعری: 127- 128، معجم البلدان: 3 / 256. وانظر شرح النهج تحقیق محمّد أبو الفضل: 2 / 238، اعتقادات فِرق المسلمین: 49، الفَرق بین الفِرق: 74، المواقف: 424، الملل والنحل للبغدادی: 58، التبصیر فی الدین: 45، وانظر نهج البلاغة (صبحی الصالح): 82 خطبة رقم 40، كتاب الاُم للشافعی، وقوت القلویة لأبی طالب المكی: 1 / 530، التاریخ لابن واضح: 2 / 136، أنساب الأشراف: 2 / 352 و114، الكامل: 2 / 153. وخبّاب هذا هو ابن الأرتّ بن جندلة بن سعد بن خزیمة بن كعب، أبو عبداللَّه، كان من السابقین الأولین، ومن المستضعفین، قیل: إنّه أسلم سادس ستة وعذّب عذاباً شدیداً لأجل ذلك، روی الطبرانی من طریق زید بن وهب، قال: لمّا رجع علیّ من صفین مرّ بقبر خبّاب، فقال: رحم اللَّه خبّاباً، أسلم راغباً، وهاجر طائعاً، وعاش مجاهداً، وابتلی فی جسمه أحوالاً،ولن یضیع اللَّه أجره. شهد خبّاب بدراً وما بعدها، ونزل الكوفة ومات بها سنة (37 ه) وهو من بنی سعد بن زَید مناة بن تمیم، وكان قد أصابه سِباء، فبیع بمكة فاشترته اُم أنمار بنت سِباع الخزاعیة من حلفاء بنی زهرة فأعتقته- ویقال: بل اُم خبَّاب، واُم سِباع ابن عبد العزّی الخزاعی، وكان ألكن إذا تكلّم بالعربیة فسمّی الأرتّ، وروی عن خبّاب أنه قال: قد أوقد المشركون لی ناراً ثمّ سلقونی فیها، ثمّ وضع رجلٌ رجله علی صدری، فما أتیت الأرض إلّا بظهری، ثمّ كشف عن ظهره فإذا هو قد برص. وللمزید من معرفة حیاته رحمه الله انظر الإصابة: 1 / 416، المعارف: 316، أنساب الأشراف: 1 / 175- 180، قاموس الرجال: 4 / 154 158، الخصال: 1 / 312. أخوكَ الّذی إنْ أجرَضَتك مُلِمَّة ولیس أخوك بالّذی إن تشعّبت انظر الاشتقاق: 251، معجم البلدان، والطبری: 4 / 45، وقعة صفین: 492 مع اختلاف یسیر فی لفظ الشعر، الأخبار الطوال: 197، وفی (أ) وتاریخ الطبری: حتّی دخل القصر. ومعه علیه السلام من أهل بیعة الشجرة 800 قتل منهم 360 نفساً، فراجع الاستیعاب بذیل الإصابة فی ترجمة عمّار بن یاسر: 2/471 ط مصطفی محمّد، والإصابة لابن حجر: 2/381 ط مصطفی محمّد، و:2/389 ط السعادة، المستدرك للحاكم: 3 / 104، الغدیر: 9 / 362. وقد استشهد منهم مع علیّ علیه السلام ثابت بن عبید الأنصاری: بدری. (انظر ترجمته فی الإصابة: 1 / 194، الاستیعاب بهامش الإصابة: 1 / 196. وهاشم المرقال الّذی مرّت ترجمته فی اُسد الغابة: 5 / 49، المستدرك: 3 / 396، تاریخ الطبری: 5 / 44، الإصابة: 3 / 593، الاستیعاب بهامش الإصابة: 3 / 616. وخزیمة بن ثابت ذو الشهادتین: بدری. (انظر ترجمته فی المستدرك: 3 / 396، الاستیعاب: 1 / 417 الإصابة: 1 / 426، اُسد الغابة: 2 / 114. ولسنا بصدد بیان ردّ المؤرّخ الكبیر أبی جعفر محمّد بن جریر الطبری فی تاریخه: 3 حوادث سنة (37ه) وما بعدها وما تبعه المؤرّخون من بعده بأنه بدّل وغیّر اسم الصحابی الجلیل الّذی شهد بدراً وما بعدها وسبب تسمیته بذی الشهادتین لأنه شهد للنبی صلی الله علیه وآله علی یهودی فی دَین قضاه صلی الله علیه وآله فقال: كیف تشهد ولم تحضره ولم تعلمه؟ قال: یا رسول اللَّه نحن نصدّقك علی الوحی من السماء فكیف لا نصدّقك علی انك قضیته؟ فأنفذ صلی الله علیه وآله شهادته وسمّاه «ذا الشهادتین» لأنّه صیّر شهادته شهادة رجلین، كما ذكر ذلك أهل السِیر والتاریخ كالإصابة: الرقم 2247، وجنی الجنتین: 160، وغیر ذلك بدّله الطبری فی تاریخه إلی رجل آخر اسمه خزیمة بن ثابت الأوسی شهد بدراً أو اُحداً وهو غیر خزیمة الّذی قُتل فی صفین مع الإمام علیّ علیه السلام بل قال: انّه مات زمن عثمان، وهذه من مختلقات سیف وهو یُحرِّف ویُصحّف ویقلّب ویختلق اُمّةً من الصحابة والتابعین ورواة الحدیث وقادة الفتوح والشعراء وعدداً كبیراً من أماكن وكتباً سیاسیة وأراجیز كما فعل فی اُسطورة القعقاع الّتی أشرنا إلیها سابقاً وعبداللَّه بن سبأ وسماك بن خرشة الّذی زعمه غیر أبی دجانة وبرة بن یحنس الخزاعی مرادفاً لاسم الصحابی وبر بن یحنس الكلبی وغیرهم ومن اراد المزید فلیراجع كتاب العلّامة السیّد مرتضی العسكری فی كتابیه: عبداللَّه بن سبأ وأساطیر اُخری: 1 و2، وخمسون ومائة صحابی مختلق: 1 و2. وخزیمة هذا هو الّذی قاتل مع علیّ علیه السلام یوم الجمل والّذی أنكره الطبری أیضاً، وقاتل مع علیّ علیه السلام یوم صفین لأن قصة استشهاده مع علیّ علیه السلام منقصه لبنی اُمیة لأنه من مشاهیر أصحاب رسول اللَّه صلی الله علیه وآله ومن مفاخر الاُوس.وهو من رواة حدیث عمّار «تقتله الفئة الباغیة». انظر الطبقات لابن سعد: 3 / 359، أنساب الأشراف: 1 / 170، الاستیعاب: 1 / 157، مسند أحمد: 5 / 214، تاریخ الطبری: 3 / 316، الموضّح للخطیب: 1 / 277. وانظر أیضاً الروایات الّتی خلقها الطبری: 1 / 3095- 3096، والخطیب فی الموضّح: 1 / 275، وابن عساكر بترجمة خزیمة بسنده عن سیف من مخطوطات المكتبة الظاهریة بدمشق: 5 رقم 337 ورقة 302 و303. وقارن أیضاً مع ما رواه الیعقوبی فی تاریخه: 2 / 178، ومروج الذهب: 2 / 366، والفتوح لابن أعثم: 2 / 289. وفی تاریخ الإسلام للذهبی: 2 / 171 شهد مع علیّ یوم الجمل 130 بدریاً ومنهم خزیمة (رحمه الله) ووقعة صفین: 92 وذكر منهم خزیمة رحمه الله وقارن بین خزیمة الحقیقی وخزیمة المختلق فی الإصابة: 1 / 425 رقم الترجمة: 2251 و 2252. وانظر شرح النهج لابن أبی الحدید تحقیق أبو الفضل: 1 / 109، وابن الأثیر فی الكامل: 3 / 84، وابن كثیر فی تاریخه: 7 / 233، وابن خلدون فی تاریخه: 2 / 407. وانظر كذلك أصحاب العیون والاقلام المأجورة مجلّة الأزهر: 32 / العدد 10 / 1150، و: 33 / العدد 6 / 760، ومجلّة «راهنمائی كتاب» الفارسیة طبع طهران السنة الرابعة العدد 7: 696، والعدد 8: 800، والعدد 9: 894. وقد رثته ابنته ضبیعة بنت خزیمة بن ثابت ذی الشهادتین: عیْن جوُدِی علی خزیمة بالدمْ قتلوا ذا الشهادتین عُتُوّاً قتلوهُ فی فتیةٍ غیر عُزْلٍ إلی آخر الأبیات، انظرها فی وقعة صفین: 365 و366، وشرح النهج لابن أبی الحدید: 2 / 280. وقتل أیضاً مع علیّ علیه السلام یوم صفین أبو شحر الإبراهیمی. (انظر ترجمته فی الإصابة: 4 / 102). وأبو لیلی الأنصاری (الإصابة: 4 / 104). وعمّار بن یاسر، كما ترجمنا له سابقاً. وأبو الهیثم مالك بن التیهان بدری، وقد ترجمنا له سابقاً. (وانظر اُسد الغابة: 4 / 274، و: 5 / 318، أنساب الأشراف: 2 / 319، الإصابة: 4 / 212، الاستیعاب بهامش الإصابة: 4 / 200). ومحمّد بن بدیل الخزاعی. (انظر الإصابة: 3/371). والمهاجر بن خالد بن الولید المخزومی، وقد ترجمنا له سابقاً. وقیس بن المشكوح المرادی. (انظر اُسد الغابة: 4/237، الإصابة: 3/274، الاستیعاب: 3/ 244). وأبو عمرة الأنصاری: بدری، وقد ترجمنا له سابقاً. (وانظر المستدرك: 3 / 395، الاستیعاب بهامش الإصابة: 4/123). وعبدالرحمن بن بدیل الخزاعی. (انظر اُسد الغابة: 3 / 124 و 282، الإصابة: 2 / 280، و: 4 / 213، مروج الذهب: 2/284 ط الأندلس، الاستیعاب بهامش الإصابة: 2/268، و: 4 / 201). وعبدالرحمن الجمحی. (انظر الإصابة: 2 / 395). والفاكه بن سعد الأنصاری، وسبق وأن ترجمنا له. (وانظر اُسد الغابة: 4 / 174، الإصابة: 3 / 198، الاستیعاب بهامش الإصابة: 2 / 202). ومحمّد بن بدیل الخزاعی. (انظر الإصابة: 3 / 371). وعبداللَّه بن كعب المرادی. (انظر اُسد الغابة: 3 / 249، الإصابة: 2 / 363، تاریخ الطبری: 5/46، الاستیعاب بهامش الإصابة: 2/315). وأبو فضالة الأنصاری: بدری (انظر اُسد الغابة: 5/273، الإصابة: 4/155، الاستیعاب بهامش الإصابة: 4/153). وعبداللَّه بن بدیل الخراعی (اُسد الغابة: 3/124، الإصابة: 2/280، الاستیعاب بهامش الإصابة: 2 / 268، المستدرك: 3 / 395، تاریخ الطبری: 5/23). وعائذ المحاربی الجسری. (الإصابة: 2 / 262). وصفر بن عمرو بن مِحصَن. (انظر الإصابة: 2 / 200). برید الأسلمی. (انظر الإصابة: 1/146). وسهیل بن عمرو الأنصاری، بدری (الاستیعاب بهامش الإصابة: 2/107، الإصابة: 2/93). وجندب بن زهیر الأزدی الغامری. (انظر تاریخ الطبری: 5/27، اُسد الغابة: 1 / 303). سعد بن الحارث الأنصاری. (انظر اُسد الغابة: 2 / 272، الإصابة: 2 / 23). وحازم بن أبی حازم الأحمسی. (انظر اُسد الغابة: 1 / 360، الاستیعاب بهامش الإصابة: 1 / 252. وراجع المصادر الّتی ذكرنا فی ترجمة عمّار بن یاسر وحدیث: ویحك یابن سمیة، تقتلك الفئة الباغیة، فراجع وتأمّل. هُلمّ إلی بنی الكَوّاء تَقضُوا وقیل لأبیه: الكوّاء لأنه كوی فی الجاهلیة، وهو زعیم المحكّمة الأولی أو المحكّمیة وهی أوّل فرقه من الخوارج وهو زعیمهم، وكان دینهم تكفیر علیّ وعثمان، وأصحاب الجمل والمحكّمین، وانّهم جوّزوا أن تكون الإمامة فی غیر قریش. وقیل: إنّ أمیرهم للقتال شبث بن ربعی، وأمیر الصلاة عبداللَّه بن الكوّاء، والأمر شوری والبیعة للَّه والأمر بالمعروف والنهی عن المنكر. (انظر المعارف لابن قتیبة: 534، معجم البلدان: 214، الملل والنحل: 1 / 106، تاریخ الطبری: 6 / 35، و: 4 / 46 ط اُخری، الفتوح لابن أعثم: 2 / 251، شرح النهج لابن أبی الحدید: 2 / 30، الكامل للمبرّد: 595، الطبقات لابن سعد: 5 / 182 مروج الذهب: 2 / 405، الكامل لابن الاثیر: 3 / 326، المعیار والموازنة: 187، كشف الیقین: 162). وورد فی شرح النهج للعلاّمة الخوئی: 4/123 عن أنس بن عیاض المدنی عن جعفر بن محمّد عن أبیه عن جده علیه السلام أنّ علیاً كان یوماً یؤمّ الناس وهو یجهر بالقراءة فجهر ابن الكوّاء من خلفه (ولقد اُوحی إلیكَ وإلی الّذینَ من قَبلِكَ لَئن أشركتَ لیحبطَنَّ عَمَلُكَ وَلتكوننّ مِن الخاسِرین) فلمّا جهر ابن الكوّاء من خلفه بها سكت علیّ علیه السلام فلمّا أنهاها ابن الكوّاء أعاد علیّ علیه السلام فأتمّ قراءته، فلمّا شرع علیّ علیه السلام فی القراءة أعاد ابن الكوّاء الجهر بتلك الآیة فسكت علیّ علیه السلام فلم یزالا كذلك یسكت هذا ویقرأ هذا مراراً حتّی قرأ علیّ علیه السلام (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لَا یَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِینَ لَا یُوقِنُونَ) فسكت ابن الكوّاء وعاد علیّ علیه السلام إلی قراءته. نعوذ باللَّه من حماقة هؤلاء القوم، ومن جرأتهم علی أمیر المؤمنین وخلیفة وصیّ رسول اللَّه وابن عمّه وصهره وحجّة اللَّه علی أرضه. وذكر فی كشف الیقین: 163 وغیره أنّ ابن الكوّاء بعد محاججة الإمام علیّ علیه السلام فی قصة اُخری رجع هو وأصحابه العشرة عن دین الخوارج، وبعد ذلك أمّروا الخوارج علیهم عبداللَّه بن وهب الراسبی وحرقوص بن زهیر البجلی المعروف بذی الثدیة وعسكروا بالنهروان... وسنأتی علی تفصیل الكلام إن شاء اللَّه تعالی . وذكر ذلك فی الفتوح: 2/252 و259، والإمامة والسیاسة: 1/98 و99 و 127 و 149 و 150، وتاریخ دمشق: 7 / 297، والاشتّقاق لابن درید: 340، وبحار الأنوار: 8 / 600. وانظر قریب من هذا خطبة الإمام علیّ علیه السلام معهم فی الارشاد للشیخ المفید: 63، مجمع البیان: 5 / 119، المصنّف لعبد الرزاق: 10 / 157- 160 ح 18678، جامع بیان العلم وفضله لابن عبدالبرّ: 2 / 103، الحاكم فی المستدرك: 2 / 150، مناقب ابن المغازلی: 406 ح 460، البدایة والنهایة: 7 / 287، الأغانی: 5 / 9، كتاب السنة: 2 / 599. وانظر ترجمة الصحابة الّذین شهدوا النهروان مع علیّ علیه السلام: اُسد الغابة: 1 / 385، و: 2 / 351 و371 و375، و: 3 / 150 و354، و: 4 / 100 و215، و: 5 / 122 و143 و274، أنساب الأشراف: 2 / 362 و368 و371 و375. وراجع تاریخ الیعقوبی: 2 / 167 ط الغری، تلبیس إبلیس لابن الجوزی: 91 مع اختلاف فی اللفظ، وذكره الیافعی فی مرآة الجنان: 1 / 114، المعرفة والتاریخ لأبی یوسف البسوی: 1 / 522، البدء والتاریخ للمقدسی: 5 / 223. وهنا نذكر ما جاء به الحافظ عبد الرزاق الصنعانی فی مصنّفه: 1 / 157 ح 18678: عن عكرمة بن عمّار قال: حدّثنا أبو زمیل الحنفی قال: حدّثنا عبداللَّه بن عباس رضی الله عنه قال: لمّا إعتزلت الحروراء فكانوا فی دارٍ علی حدتهم، فقلت لعلّی: یا أمیر المؤمنین أبرد عن الصلاة لعلّی آتی هؤلاء القوم فاُكلّمهم، قال: إنّی أتخوّفهم علیك، قلت: كلّا إن شاء اللَّه تعالی، قال: فلبست أحسن ما أقدر علیه من هذه الیمانیة. قال: ثمّ دخلت علیهم وهم قائمون فی نحر الظهیرة. قال: فدخلت علی قوم لم أر قوماً قطّ أشدّ اجتهاداً منهم، أیدیهم كأ نّها ثفن الإبل، ووجوههم معلّمة من آثار السجود. قال: فدخلت، فقالوا: مرحباً بك یا ابن عبّاس ما جاء بك؟ قلت: جئت اُحدّثكم عن أصحاب رسول اللَّه صلی الله علیه وآله علیهم نزل الوحی، وهم أعلم بتأویله، فقال بعضهم: لا تحدّثوه، وقال بعضهم: واللَّه لنحدّثنّه. قال: قلت: أخبرونی ما تنقمون علی ابن عمّ رسول اللَّه صلی الله علیه وآله وختنه وأوّل من آمن به وأصحاب رسول اللَّه معه؟ قالوا: ننقم علیه ثلاثاً. قال: قلت: وما هنّ؟ قالوا: أوّلهن أ نّه حكّم الرجال فی دین اللَّه، وقد قال اللَّه: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ). قال: قلت: وماذا؟ قالوا: وقاتل ولم یَسْبِ ولم یغنم، لئن كانوا كفّاراً لقد حلّت له أموالهم، ولئن كانوا مؤمنین لقد حرمت علیه دماؤهم. قال: قلت: وماذا؟ قالوا محا نفسه من أمیرالمؤمنین، فإن لم یكن أمیر المؤمنین فهو أمیر الكافرین. قلت: أرأیتم إن قرأت علیكم من كتاب اللَّه المحكم وحدّثتكم من سنّة نبیّه صلی الله علیه وآله ما لا تنكرون اترجعون؟ قالوا: نعم. قال: قلت: أمّا قولكم: حكّم الرجال فی دین اللَّه، فإن اللَّه تعالی یقول (یَأَیُّهَا الَّذِینَء َامَنُواْ لَا تَقْتُلُواْ الصَّیْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ- إلی قوله:- یَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ). وقال فی المرأة وزوجها: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَیْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَآ)، اُنشدكم اللَّه أحكم الرجال فی حقن دمائهم وأنفسهم وإصلاح ذات بینهم أحقّ أم فی أرنب ثمنها ربع درهم؟ قالوا: اللّهمّ بل فی حقن دمائهم وإصلاح ذات بینهم، قال: أخرجتُ من هذه؟ قالوا: اللّهمّ نعم. قال: وأمّا قولكم: إنّه قاتل ولم یسْبِ ولم یغنم، أتسبون اُمّكم عائشة؟ أم تستحلّون منها ما تستحلّون من غیرها؟ فقد كفرتم، وإن زعمتم أ نّها لیست اُمّ المؤمنین فقد كفرتم وخرجتم من الإسلام، إنّ اللَّه یقول: (النَّبِیُّ أَوْلَی بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَ أَزْوَ اجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) فأنتم متردّدون بین ضلالتین، فاختاروا أیّتهما شئتم، أخرجتُ من هذه؟ قالوا: اللّهمّ نعم. قال: وأمّا قولكم: محا نفسه من أمیر المؤمنین، فان رسول اللَّه صلی الله علیه وآله دعا قریشاً یوم الحدیبیة علی أن یكتب بینه وبینهم كتاباً فقال: اكتب هذا ما قاضی علیه محمّد رسول اللَّه، فقالوا: واللَّه لو كنّا نعلم أنك رسول اللَّه ما صددناك عن البیت ولا قاتلناك، ولكن اكتب محمّد بن عبداللَّه، فقال: واللَّه إنّی لرسول اللَّه حقّاً وإن كذّبتمونی، اكتب یا علیّ محمّد بن عبداللَّه. فرسول اللَّه صلی الله علیه وآله كان أفضل من علیّ (رض)، أخرجتُ من هذه؟ قالوا: اللّهمّ نعم. فرجع منهم عشرون ألفاً وبقی منهم أربعة آلاف فقتلوا. (وانظر المحاورة أیضاً فی الفتوح لابن أعثم: 2 / 249 لتجد فیها الاختلاف فی اللفظ واضح جدّاً). لمّا خرج علیّ علیه السلام بعد مناظرة ابن عبّاس لهم وقف علیه السلام بإزائهم وقال: من زعیمكم؟ قالوا: ابن الكوّاء. فقال علیّ علیه السلام: فما الّذی أخرجكم علینا؟ قالوا: حكومتكم یوم صفین، فقال لهم: ناشدتكم باللَّه، أما قلت لكم یوم رفعوا المصاحف: لا تخالفونی فیهم؟قلتم: نجیبهم إلی كتاب اللَّه،فقلت: إنّما رفعوها مكیدة وخدیعة، فقلتم: إن لم تجب إلی كتاب اللَّه قتلناك أو سلّمناك إلیهم، فلمّا أبیتم إلّا الكتاب اشترطت علی الحكمین أن یحكما بكتاب اللَّه، فإن حكما بغیر حكم اللَّه والقرآن فنحن براءٌ منهم.فقالوا: فكیف حكّمت الرجال؟ فقال: واللَّه ما حكّمت مخلوقاً، وانّما حكّمت القرآن، لأن القرآن هو خطّ بین الدفّتین لا ینطق، وإنّما ینطق به الرجال. فقالوا: صدقت وكفرنا لمّا فعلنا ذلك، وقد تبنا منه إلی اللَّه فتب كما تبنا نبایعك وإلّا قتلناك... وقال الشارح المعتزلی: قال لهم: ألا تعلمون أنّ هؤلاء القوم لمّا رفعوا المصاحف قلت لكم: إنّ هذه مكیدة ووهن وإنّهم لو قصدوا إلی حكم المصاحف لأتونی وسألونی فی التحكیم، أفتعلمون أنّ أحداً كان أكره للتحكیم منّی؟ قالوا: صدقت، قال: فهل تعلمون أ نّكم استكرهتمونی علی ذلك حتّی أجبتكم إلیه فاشترطت أنّ حكمهما نافذ ما حكما بحكم اللَّه فمتی خالفاه فأنا وأنتم من ذلك بُراء، وأنتم تعلمون أنّ حكم اللَّه لا یعدونی؟ قالوا: اللّهمّ نعم. فقالوا له: حكّمت فی دین اللَّه برأینا وعنه مقرّون بأ نّا كنا كَفرنا، ولكنّا الآن تائبون، فأقرّ بمثل ما أقررنا به وتب ننهض معك إلی الشام. فقال: أما تعلمون أنّ اللَّه تعالی قد أمر بالتحكیم فی شقاق بین الرجل وامرأته فقال سبحانه وتعالی (فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَآ) وفی صید اُصیب أرنب یساوی نصف درهم فقال: (یَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ)؟ فقالوا له: فإن عَمراً لمّا أبی علیك أن تقول فی كتابك «هذا ما كتبه عبداللَّه علیّ أمیر المؤمنین» محوت اسمك من الخلافة وكتبت «علیّ بن أبی طالب» فقد خلعت نفسك. فقال: لی فی رسول اللَّه صلی الله علیه وآله اُسوة حین أبی علیه سهیل بن عمرو أن یكتب: هذا كتاب محمّد رسول اللَّه صلی الله علیه وآله وسهیل بن عمرو، وقال له: لو أقررت بأ نّك رسول اللَّه ما خالفتك، ولكن اُقدّمك لفضلك، فاكتب: محمّد بن عبداللَّه، فقال لی: یا علیّ، امحُ رسول اللَّه، فقلت: یا رسول اللَّه: لا تشّجعنی نفسی علی محو اسمك من النبوّة. قال: فقضی علیه فمحاه بیده، ثمّ قال: اكتب محمّد بن عبداللَّه، ثمّ تبسّم إلیّ وقال: یا علیّ، أما إنك ستسام مثلها فتعطی. فرجع منهم ألفان من حروراء، وقد كانوا قد تجمّعوا بها، فقال لهم علیّ علیه السلام ما نسمّیكم؟ثمّ قال: أنتم الحروریة لاجتماعكم بحروراء. انظر المصادر السابقة وتذكرة الخواصّ: 96، وشرح النهج لابن أبی الحدید: 2 / 274 و280 و282، وشرح النهج للعلّامة الخوئی: 4 / 127 و 128، المصنّف لعبد الرزاق: 10 / 157 وجامع بیان العلم وفضله: 2 / 103، والحاكم فی المستدرك: 2 / 150، ومناقب ابن المغازلی: 406، والمسترشد فی إمامة أمیر المؤمنین علیه السلام: 390 والهامش رقم 1، والفتوح: 2 / 252. أصحبت ذا بثٍّ اُقاسی الكبَرا انظر ترجمته فی اُسد الغابة: 2 / 519، وفی تاریخ الطبری تجد هذه الأبیات: 6 / 323، المعمّرون والوصایا لأبی حاتم السجستانی: 49. دعوتَ أباكَ الیومَ واللَّهِ لِلَّذِی قلت لهم: لَلْمَوْتُ أهونُ جَرْعةً وقال: ولو كنتُ یوماً لا محالةَ وافداً إلی آخر الابیات الّتی قال فیها: فیا عُمَرُ ارجعْ بالنصیحة إنّنی فارتحل عُمر وقد استبانَ له أمرُ أبیه. أتتك الخلافة فی حذرها تزفّ إلیك زفاف العروس إلی آخرها: ثمّ قال: وشتمَ، وشمتَ أهل الشام بأهل العراق. وفی مروج الذهب: 2 / 442 وفیه: قال أبو موسی: كذب عمرو. لم نستخلف معاویة، ولكنا خلعنا معاویة وعلیاً معاً، وقال عمرو: بل كذب عبداللَّه بن قیس، قد خلع علیاً ولم أخلع معاویة.... فقال أبو موسی: مالك لا وفّقك اللَّه غدرت وفجرت انّما مثلك (كَمَثَلِ الْحِمَارِ یَحْمِلُ أَسْفَارَم ا) فقال له عمرو: بل إیاك یلعن اللَّه. كذبت وغدرت إنما مثلك مثل (الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَیْهِ یَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ یَلْهَث) وهذا یعنی أنّ الآیتین قالها غیر ما ورد فی الطبری. وأضاف صاحب المروج والكامل: 3 / 168 والبدایة: 7 / 248 وابن أبی الحدید فی شرح النهج: 1 / 451 والطبری: 6 / 40 ط اُخری: وكز أبا موسی فألقاه لجنبه وانطلق عمرو إلی معاویة وسلّم علیه بالخلافة. وانظر شرح النهج لابن أبی الحدید: 2 / 256 تحقیق محمّد أبو الفضل، وانظر العقیدة أیضاً فی: 2 / 257 باختلاف یسیر فی اللفظ، ووقعة صفین: 547. وانظر عبقریة الإمام علیّ علیه السلام للعقاد: 85 حیث قال: كلب وحمار فیما حكم به علی نفسیهما غاضبین. وهما یقضیان علی العالم بأسره لیرضی بما قضیاه، وانتهت المأساة بهذه المهزلة، أو انتهت المهزلة بهذة المأساة. أمر زیاد فجی ء به- یعنی صیفی- إلیه فقال له: یا عدوّ اللَّه، ما تقول فی أبی تراب؟ قال: ما أعرف أبا تراب، فقال: ما اعرَفك به، قال: ما أعرفه، قال: أما تعرف علیّ بن أبی طالب؟ قال: بلی، قال: فذاك. وبعد محاورة بینهما قال: علیَّ بالعصا، فقال: ماقولك فی علیّ؟ قال: أحسن قول أنا قائله فی عبد من عبیداللَّه أقوله فی أمیر المؤمنین، قال: اضربوا عاتقه بالعصا حتّی یلصق بالأرض، فضرب حتّی اُلصق بالأرض، ثمّ قال: اقلعوا عنه، فتركوه، فقال له: إیه! ما قولك فی علیّ؟ قال: واللَّه لو شرطتنی بالمواسی والمُدی ما قلت إلّا ما سمعت منّی، قال: لتلعنّنه أو لأضربنَّ عنقك، قال: إذاً واللَّه تضربها قبل ذلك، فاُسعد وتشقی ، قال: ادفعوا فی رقبته ثمّ قال: أو قرّوه حدیداً واطرحوه فی السجن، ثمّ قتل مع حجر، رحمهما اللَّه تعالی . وذكر الطبری أیضاً فی: 4 / 59 مایلی: وقام إلیه محرز بن شهاب التمیمی من بنی سعد فقال: یا أمیر المؤمنین شیعتك كقلب رجل واحد فی الإجماع علی نصرتك والجدّ فی جهاد عدوّك فأبشر بالنصر وسر بنا إلی أیّ الفریقین أحببت، فإنا شیعتك الّذین نرجو فی طاعتك وجهاد من خالفك صالح الثواب ونخاف فی خذلانك والتخلّف منك شدة الوبال. وذكر الطبری فی تاریخه: 4 / 60 أنّ الخوارج دخلوا قریة فخرج عبداللَّه بن خباب صاحب رسول اللَّه صلی الله علیه وآله ذَعِراً یجرّ رداءه فقالوا: لم ترعَ؟ فقال: واللَّه لقد ذعرتمونی، قالوا: أأنت عبداللَّه بن خباب صاحب رسول اللَّه صلی الله علیه وآله؟ قال: نعم، قالوا: فهل سمعت من أبیك حدیثاً یحدِّث به عن رسول اللَّه صلی الله علیه وآله أ نّه ذكر فتنة القاعد فیها خیر من القائم والقائم فیها خیر من الماشی والماشی فیها خیر من الساعی؟ قال: فإن أدركتم ذلك فكن یا عبداللَّه المقتول... قال فقدّموه علی ضفة النهر فضربوا عنقه فسال دمه كأنه شراك نعل وبقروا بطن اُم ولده عمّا فی بطنها.... ولكن الطبری فی نفس الصفحة ینقل عن حمید بن هلال أنه- عبداللَّه- قال: عندما سألوه قال: حدّثنی أبی عن رسول اللَّه صلی الله علیه وآله أنّ فتنة تكون یموت فیها قلب الرجل كما یموت فیها بدنه یمسی فیها مؤمناً ویصبح كافراً ویصبح فیها كافراً ویمسی فیها مؤمناً، فقالوا: لهذا الحدیث سألناك فما تقول فی أبی بكر وعمر؟ فأثنی علیهما خیراً... فأخذوه فكتّفوه ثمّ أقبلوا به وبامرأته وهی حُبلی متمٌّ حتّی نزلوا تحت نخل مواقر فسقطت منه رطبة فأخذها أحدهم فقذف بها فی فمه فقال أحدهم: بغیر حلّها وبغیر ثمن، فلفظها وألقاها من فمه، ثمّ أخذ سیفه فأخذ یمینه فمرّ به خنزیر لأهل الذمّة فضربه بسیفه، فقالوا: هذا فساد فی الأرض، فاُتی صاحب الخنزیر فأرضاه من خنزیره، فلمّا رأی ذلك منهم ابن خباب قال: لئن كنتم صادقین فیما أری فما علیَّ منكم بأس إنّی لمسلم ما أحدثت فی الإسلام حدثاً ولقد آمنتمونی، قلتم: لا روع علیك فجاؤوا به فأضجعوه فذبحوه وسال دمه فی الماء.... وانظر حیاة عبداللَّه بن خباب فی المعارف لابن قتیبة: 317، وانظر قصة قتله رضی الله عنه فی اُسد الغابة: 3/150، والإصابة: 2 / 294، وشرح النهج لابن أبی الحدید: 2 / 269 و381 و 382 تحقیق محمّد أبو الفضل نقلاً عن ابن دیزیل (إبراهیم بن الحسین بن علیّ بن مهران بن دیزیل الكمائی الهمدانی) أحد كبار الحفّاظ ومتكلّمیهم، ذكره ابن حجر فی لسان المیزان: 1 / 49 وقال: مات سنة (281 ه)، الكامل فی التاریخ: 3/212، والفتوح لابن أعثم: 2 / 198 و 253 و 260، الطبری: 6 / 46 ط اُخری، الطبقات الكبری لابن سعد: 5 / 182، شرح النهج لابن أبی الحدید: 2 / 282، الكامل للمبرّد: 560، الإمامة والسیاسة: 1 / 167، شرح النهج للعلّامة الخوئی: 4 / 128، الكامل لابن الأثیر: 3/341. أمّا فی الفتوح لابن أعثم: 2 / 275 فقد ذكرهم بالتسلسل القتالی: رویبه بن وبر البجلی الّذی دفع إلیه الإمام علیه السلام اللواء وأمره بالتقدّم فتقدّم وارتجز شعراً وحمل حتّی استشهد، وتقدّم من بعده عبداللَّه بن حمّاد الحمیری حتّی استشهد، ثمّ رفاعة بن وائل الأرحبی حتّی استشهد، ثمّ كیسوم بن سلمة الجهنی حتّی قتل، ثمّ عبد بن عبید الخولانی حتّی قتل، ثمّ قال: وأقبل التاسع واسمه حبیب بن عاصم الأزدی. فقال: یا أمیر المؤمنین، هؤلاء الّذین نقاتلهم أكفّار هم؟ فقال علیّ علیه السلام من الكفر هربوا وفیه وقعوا، قال: أفمنافقون؟ فقال علیّ علیه السلام: إنّ المنافقین لا یذكرون اللَّه إلّا قلیلاً، قال: فماهم یا أمیر المؤمنین حتّی اُقاتلهم علی بصیرة ویقین؟ فقال: علیّ علیه السلام: هم قوم مرقوا من دین الإسلام كما مرق السهم من الرمیة یقرأون القرآن فلا یتجاوز تراقیهم، فطوبی لمن قتلهم أو قتلوه. قال: فعندها تقدّم حبیب نحو الشراة وهو التاسع من أصحاب علیّ فقاتل وقُتل. وفی المناقب لابن شهرآشوب ذكر ثمانیة ولكن باختلاف فی بعض الأسماء. وراجع النصّ والاجتهاد للعلّامة شرف الدین الموسوی تحقیق أبی مجتبی : 106 هامش رقم 4 وكیفیة ظهور الحقّ جندب بن زهیر الأزدی الغامدی بعد أن اطّلع من الإمام علیّ علیه السلام علی حقیقة الخوارج، وانظر كنز العمّال: 6 / 71 ح 1179، و: 11 / 289 و 302، ومجمع الزوائد: 6 / 242، وسبق وأن أشرنا إلی ذلك فتأمّل.
تساؤوا وبیت الدین منقطع الكسر
وردّ حروباً قد لقحن إلی عقر
یُطیف بلقمان الحكیم یُواریه
سمت بابن هند فی قریش مضاریه
وفی أشعری لا یحلّ له غدر
عنه وأصبح غادراً عمرو
ذلّ الحیاة وینزع النصر
وارتاب إذ جعلت له مصر
لا یستطیع لهم أمثالك الطلبا
من الدهرِ لم یبرح لِبَثِّك واجما
علیك الاُمور ظلّ یَلحاك لائما
عِ قَتیلِ الأحزاب یومَ الفُرات
أدْرَك اللَّه منهمُ بالتِّرات
یُسْرعُون الرُّكوبَ للدعَوَات
بُحكمهُم بأنساب الرجال
قد عِشت بین المشركین أعصُرا
دعانی إلیه القومُ والأمرُ مقبل
من النارِ فاستبقُوا أخاكُمْ أو اقتُلوا
تبِعتُ علیّاً والهوی حیثُ یُجعَل
سأصبِرُ هذا العامُ والصبْرُ أجمَل
هنیئاً مریئاً تقرّ العیونا
بأهون من طعنك الدار عینا